preloader

هياكل تحمي نواة المستقبل

محمد علي محروس
اليمن
‫سوء التغذية، انقطاع التعليم، عمالة الأطفال وزواج القاصرات كلّها تهديدات يواجهها أطفال اليمن. مع تآكل الهياكل الحامية للأطفال، ظهرت هياكل بديلة تقوم بما في وسعها لسد الفجوات التي خلقها العنف والنزوح في اليمن.‬ اجتمع الصحفيون والصحفيات لتسليط الضوء على معاناة الأطفال وكيفية التقليل من الآثار المدمرة للحرب والنزوح.
ميلات، مدرسة مؤقتة في تعز، تتطوع فيها المعلّمات لتوفير التعليم للأطفال. © البراء منصور | مجلة العربية السعيدة

«في كل تسع دقائق يتوفى طفل يمني دون سن الخامسة بسبب النزاع.» هذه هي تقديرات تقرير برنامَج الأمم المتحدة الإنمائي لسنة ٢٠٢١م بعنوان تقييم أثر النزاع في اليمن: مسارات التعافي. توثق تقارير صادرة عن منظمات محلية ودولية تزايدًا كبيرًا في حصيلة الانتهاكات المرتكبة من أطراف الصراع وتلك الناجمة عن آثار الحرب، إذ جُنّد أطفالٌ، وخاضوا مواجهاتٍ عسكرية، وشُرّد آخرون من منازلهم معية أسرهم، وتحمّلوا أعباء النزوح، إضافة إلى إعالة بعضهم لأسرهم، التي فقدت مُعيلها ومصدر دخلها. ظهرت كذلك حالات الاتجار والاستغلال الجنسي للأطفال كإفرازات للحرب التي خلّفت ٣٧٧ ألف وفاة حتى نهاية عام ٢٠٢١م.

 

أرقام من الصعب استيعابها

خلال عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠م، قَتَل الصراع أو شوّه ٢٦٠٠ طفل يمني، وفقًا لتقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش حول الأطفال والنزاع المسلّح في اليمن، أي بمعدّل ثلاثة لأربعة أطفال، كل يوم. وثّقت منظمة اليونيسف مقتل أو تشويه عشرة آلاف طفل يمني، منذ بَدْء القتال في مارس ٢٠١٥م حتى أكتوبر ٢٠٢١م. وقع هؤلاء الأطفال ضحايا للاستخدام العشوائي للقذائف المتفجرة والمشظية، المواجهات العسكرية، الألغام المضادة للأفراد وغيرها من أدوات الحرب.

لا تتوقف آثار الحرب على الطفولة عند حد القتل أو التشويه، إذ يعاني ٤٠٠ ألف طفل من سوء التغذية الحاد، وهناك أكثر من مليوني طفل خارج فصول الدراسة، وأربعة ملايين آخرين مُعرّضون لخطر التسرّب من مدارسهم. نزح ١.٧ مليون طفل داخليًا بسبب العنف المستمر، وهناك ١٥ مليون شخص- أكثر من نصفهم أطفال- لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب أو الصرف الصحي أو النظافة، وفقًا لليونيسيف.

هذه «الفظائع والمعاناة الهائلة» من المرجّح أن تترك جيلاً من الأطفال اليمنيين «مشوهًا مدى الحياة»، حسب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا.

صادقت اليمن على اتفاقية حقوق الطفل في الأول من مايو ١٩٩١م، التي هي ميثاق دَوْليّ يحدد حقوق الأطفال المدنية، السياسية، الاقتصادية والثقافية مثل حقوقهم في الحماية من العنف، الاعتداء الجنسي، والاستغلال، إلى حقوقهم في اللعب وحرية تبادل الأفكار واحترام آرائهم. صادقت اليمن كذلك على اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، المُصادق عليها في السادس من أبريل ١٩٨٩م التي تمنع أي نوع من أنواع استغلال وتجنيد الأطفال، وعلى اتفاقيات جنيف الأربع سنة ١٩٧٠م وبروتوكوليها الإضافيين في أبريل ١٩٩٠م، التي هي معاهدات دولية تضم أكثر القواعد أهمية للحد من همجية الحروب، مثل حماية الجرحى وتوفير الحماية للمدنيين.

 

تسليط الضوء على قضايا الأطفال

في نوفمبر ٢٠٢٠، تم إنشاء شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة من طرف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بشراكة مع منظمة اليونيسف من أجل تركيز التغطية الصحفية على قضايا الأطفال في اليمن. 

أطفال اليمن بحاجة إلى وقف الحرب

يقول المشرف على عمل الشبكة محمد إسماعيل، إنّ «الهدف من إنشاء شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة هو تكوين مجموعة من الصحفيين الذين يمتلكون مهارات الكتابة الصحفية وفقًا لقواعد وأخلاقيات الكتابة الصحفية حول قضايا الأطفال، بحيث يكون بمقدورها رصد وتغطية مختلف قضايا الأطفال، والدفاع عن حقوقهم».

شيماء القرشي، ٢١ سنة، واحدة من الصحفيات اللواتي استفدن من الشبكة، وعلى الرغم من أنها في بداية مسيرتها الصحفية، إلا إن اهتمامها منصب على قضايا المرأة والطفل، وقد وجدت ضالتها في هذا البرنامج التدريبي. 

«كانت المرة الأولى التي أحظى بفرصة كهذه، تضع أسسًا لمحتوى يختص بقضايا الطفولة»، تقول شيماء.

مثلت الشبكة ملتقىً لأكثر من ٦٠ صحفيًا وصحفية من ١٤ محافظة يمنية، تلقّوا تدريبًا مكثّفًا، كان مزيجًا بين التدريب المباشر، وورش عمل تدريبية عبر الإنترنت؛ لأن مرحلة التنفيذ اصطدمت بمرحلة تفشي فيروس كورونا في العالم. 

«استفدت من الشبكة، كذلك، على مستوى التشبيك»، تقول القرشي. «نحن مجموعة من محافظات عدة، وكلما احتاج أحد منا الوصول لأي معلومة، أو مصدر حول موضوع ما، فإننا نتشارك ذلك عبر مجموعة الشبكة على الواتساب.»

كانت الشبكة نافذة لأعضائها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال موادهم الصحفية إلى آلاف المتابعين لها. إضافة إلى ذلك، نسّقت الشبكة مع ١١ موقعًا محليًا لإعادة نشر المواد المُنتجة، والتي وصل عددها إلى ٤٠ مادة، مكتوبة، مسموعة، ومرئية. تناولت هذه المواد عددا من المواضيع مثل اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال اليمنيين جراء الحرب، تزويج القاصرات، والأطفال ذوي الإعاقة. 

تسعى الشبكة، وفق ما أكّده إسماعيل، إلى توقيع مذكرات تفاهم للنشر الدائم مستقبلًا، بما في ذلك العمل على تبويبات خاصة بقضايا الطفولة في هذه المواقع، ضمن خطة تتضمنها المرحلة الثانية.

يرى إسماعيل أن الشبكة تساهم في تعزيز حقوق الطفل عبر العمل الذي يقوم به أعضاؤها: «نحن قادرون الآن على تغطية القصص الميدانية للأطفال بطريقة احترافية تراعي حساسية هذا النوع من التغطية الصحفية».

 




المـــقال الـــتالي
جميع الحقوق محفوظة لـ arabiafelix.social