انتشرت رائحة الكتب في كل أرجاء مكتبة مِسْواط للأطفال، حيث صُفّت الرفوف بطريقة منظمة وجُهِّزت الإضاءة لتكون مناسبة للقراءة. في ركن من المكتبة، رُتبت طاولات حولها مقاعد بعناية.
تعد مكتبة مِسْواط للأطفال في مديرية كريتر، محافظة عدن، أقْدَم مكتبة في شبه الجزيرة العربية، يعود تأسيسها للعهد البريطاني عام ١٩١٩م. كانت تعرف بمكتبة البحيرة أو Lake Library آنذاك، وكانت تعنى بثقافة الجنود بالخصوص، إضافة إلى كتب للناس عامة. في عام ٢٠٠١م، أعيد تسميتها لتصبح مكتبة أطفال عدن، وبدأت تعنى بثقافة الطفل وإقامة فعاليات متعلقة بتطوير مهارات ومدركات الأطفال.
أخيرا، في سنة ٢٠٠٥م سُميت بـمكتبة مِسْواط للأطفال، نسبة إلى التربوي والصحفي محمد سعيد مِسْواط.
صُمِمت المكتبة بما يتناسب مع عوالم الأطفال المُلَوََنة الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وثماني عشرة سنة من الجنسين، حيث يتشاركون قراءة القصص والأنشطة المختلفة.
تضم مِسْواط عددا من الأقسام منها قسم القراءة، الذي يحوي عددا من الكتب والقصص والمجلاّت الخاصة بالطفل؛ قسم الكمبيوتر، لإقامة دورات مبسطة في أساسيات الحاسب الآلي؛ قاعة مخصصة للأنشطة والمسرح، حيث تقدم العروض المسرحية، الإنشاد، الرسم الحر وألعاب الدمى.
مكان للجميع
هدف المكتبة هو «إعادة روح القراءة، وإعادة عبقها وغرس هذه الثقافة في أذهان الأطفال عبر سلسلة من الأنشطة لكسر الروتين وتفجير طاقات الأطفال الإبداعية، وفي مقدمتها نشاط تعليم القراءة»، تؤكد وفاء غالب، مديرة مكتبة مسواط.
هدف المكتبة هو إعادة روح القراءة
يملك ما يقارب ٣٠٠ طفل وطفلة بطاقة العضوية الخاصة بالمكتبة التي تصرف بشكل مجاني. تفتح المكتبة أبوابها للأطفال الذين لا يملكون العضوية كذلك في أوقات وأيام محددة، كما تستقبل زيارات مدرسية وأنشطة صيفية. على طول السنة، تفتح المكتبة أبوابها للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى الأطفال النازحين ومن فئة المُهمَّشين.
تعتبر جيهان محمد، ٣٦ عامًا، أن مكتبة مسواط أفضل مكان تبعث إليه طفلها بدلًا عن الساعات الطويلة التي كان يقضيها باللعب في الشارع. لاحظت محمد كيف تغير مستوى ابنها عبد الله ذو السنوات العشر. «أصبح أقوى في النطق والقراءة»، تقول محمد، «حتى مستوى الوعي لديه تطور».
يرى عبد الله أن المكتبة خلقت لديه حافزًا لقراءة الكتب والقصص، معتبرًا إياها أفضل مكان لتوسيع معلوماته وتنمية قدراته في القراءة والنطق والتفاعل مع الأصدقاء.
«كل شيء جميل هنا»، يقول عبد الله. «الكتب فيها صور وكلمات بسيطة نستطيع قراءتها والاستمتاع بها، والأنشطة والمسابقات وكمان الهدوء وترتيب المكان يجعلني أحب المكتبة كثيرًا.»
هيكل آمن وممتع
عبرت المديرة وفاء غالب عن سعادتها بالأجواء المرحة والتنافسية بين الأطفال أثناء أنشطة المكتبة المختلفة.
«قوبلت الأنشطة بارتياح واسع من أولياء الأمور الذين شجعوا أولادهم على الحضور اليومي إلى المكتبة والمشاركة فيها»، تقول غالب.
مكتبة مِسْواط هي ملتقى ثقافي نادر لأطفال محافظة عدن والمحافظات المجاورة. عبر الجهود الذاتية لفريق المكتبة – المُكَوَّن من سبع نساء ورجل بالإضافة للمديرة – يحصل الأطفال على مكان آمن، يحول دون تواجدهم في الشارع وتَعَرُّضهم لأخطاره.
المكتبات غذاء الروح ونزهة الفكر، وعبر الكتب، يكتشف الصغير والكبير تعدّد الأفكار وتنوعها. هكذا توفر المكتبة بتواجدها الدائم حجر أساسِ للتعايش السلمي في المجتمع اليمني.