preloader

زفاف جماعي بتنظيم مجتمعي في دَمُّون

زين العابدين بن علي
دَمُّون
الزواج اختيار يصل إليه اليمنيون واليمنيات في مختلف الأعمار عبر اليمن. للأسف، تكلفة العرس، خصوصًا مع الأزمة الاقتصادية الحالية، عالية جدًا. لتلبية احتياجات الشباب في هذه الظروف الصعبة، توصّلت منطقة دَمُّون إلى حلٍّ تعاوني ومبتكر: الزفاف الجماعي.
شباب الزفاف الجماعي العاشر في دَمُّون لسنة ٢٠٢١م. © لجنة الزفاف الجماعي لدَمُّون

هل شاهدت وليمة زواج تستضيف ٢٠ ألف شخص؟ ذلك ما تجده في دَمُّون، الواقعة شمال مدينة تَرِيْم في محافظة حَضْرَمَوْت. 

في ٢٠١١م، قام مجموعة من الشباب بتوجيه رسالة لوجهاء المنطقة يطلبون منهم دعم زفاف جماعي لتخفيف الأعباء عنهم. «كانت تلك الخطوة أساس هيكل الزفاف الجماعي»، يقول الأمين العام في المجلس المحلي لتريم ونائب رئيس لجنة الزفاف الجماعي، عَلِي خَمِيس صبيح. 

كل عام، يجذب التاسع من شوال الشباب والشابات المقبلين على الزواج، بهدف تيسير زواجهم. هكذا شهدت دَمُّون عشرة أعوام وعشرة زفافات متتالية، تحت عنوان مهرجان الحياة، وصل فيها عدد العرسان إلى ألف عريس وعروس من أبناء البلدة. تتفاوت أعداد العرسان في كل عرس ما بين ٨٠ و١٣٦ عريسًا وعروسًا.

يدفع كل عريس وعروس مبلغًا رمزيًا على أقساط للتخفيف عنهم: ٣٧٠ ألف ريال للعريس و٢٥٠ ألف ريال للعروس (حاليا ٣٠٠ و٢٠٠ دولار أمريكي تقريبا في دَمُّون). تتكفّل لجنة الزفاف ببقية التكاليف من خلال فتح باب المساهمة المالية والعينية لكل من له إمكانية التبرّع. 

كان أشرف عبد الله بادُبَّاهْ، ٢٥ سنة والذي يعمل كمهندس، أحد العرسان في المهرجان العاشر سنة 2021م. يقول بادُبَّاهْ أن «الزواج الجماعي وفّر عنّا تكاليف الزواج الباهظة في ظل الأوضاع السيئة اللي تمرّ بها البلد». 

شعرت بالسعادة الغامرة

حتى الأسر التي بإمكانها القيام باحتفالات تكلّف الملايين تفضّل الانضمام للحفل الجماعي، «شرط الالتزام بعدم إقامة أي فعالية خارج نطاق الحفل الجماعي»، يقول صبيح. هكذا يكون العرس الجماعي احتفالًا يجمع بين الكلّ، مهما كان مستواهم الاجتماعي أو المادي. 

يقول الصحفي رَاضِي صَبِيْح أنه بالإضافة للمساعدة المالية، فإنه للزفاف الجماعي فائدة أخرى. «بدل من أنّ يكون لدينا في المنطقة ١٥٠ زواجًا في السنة وتتعطّل أعمال الناس لأيام متفرّقة، يتم اختصار كل ذلك في يومين». 

يتوزّع منظمو الحفل في ١٤ لجنة للخدمات تضمّ أكثر من ألف متطوّعٍ و٥٠٠ متطوّعة في مجالات الذّبح والطّبخ، والرّسم والطّبابة. يصل عدد المدعوين إلى قرابة ٢٠ ألف، من أهالي المنطقة جميعًا، إضافة إلى ٥٠ دعوة لكلّ عريس يريد دعوة أصدقاء من خارج البلدة.

عن دقة التنظيم، يقول علي خميس أن كل التحضيرات تسير وفق ما رُتب لها. مثلا ترتب لجنة النظام أكثر من ٨٠٠ دراجة نارية وكأنها في طابور نظامي، ويستطيع صاحب الدراجة معرفة مكانها ومغادرة المكان بسهولة بمساعدة المنظمين. 

يقول صَبِيْح أن «دقة التنظيم وروح العمل التطوّعي أبرز ما يميز احتفالية الزواج، ليس الشباب فقط حتى كبار السن يتسابقون للتطوّع». 

التنظيم لا يتوقّف عند مراسم الحفل فقط، بل يشمل تنظيم دورات توعية لبناء الأسرة والتعريف بالحقوق والواجبات للعرسان والعرائس من قبل مدربين مختصين.

كانت الرقصات الشعبية جانبًا من احتفالات الزفاف الجماعي العاشر في دَمُّون لسنة ٢٠٢١م. © لجنة الزفاف الجماعي لدَمُّون

كانت الرقصات الشعبية جانبًا من احتفالات الزفاف الجماعي العاشر في دَمُّون لسنة ٢٠٢١م.
© لجنة الزفاف الجماعي لدَمُّون

للعرس الجماعي طقوسه التي تبدأ عصرًا بزفة العرسان، يرافقهم حشدٌ كبيرٌ إلى المنصة في ساحة الاحتفال وسط أداء مميّز لرقصتي الشَبْوانِي والزُرْبَادِي. يستمر الطرب، الدان والزغاريد حتى المغيب، حينها يتم عقد القِران بشكل جماعي. بعد هذه الطقوس، يتم تناول وليمة العشاء جماعيًا. 

تستمر التظاهرة الفنية الثقافية التطوّعية حتى وقت متأخر من تلك الليلة، أهمها الأوبريت الغنائي والرقصات الشعبية. 

كل سنة، يعمل المتطوّعون والمتطوّعات كل ما في وسعهم لنجاح الاحتفال. «أفخر كثيرًا بلجان التطوّع الذين قدّموا المنطقة بأجمل حلّة»، يقول بادُبَّاهْ، الذي يتذكّر عرسه بفرح كبير. «شعرتُ بالسعادة الغامرة لأن العرس فرحة لكل أهالي المنطقة وليس محصورًا في أهالي العرسان.» 

في حضرموت، يبرز هذا العرس الجماعي كرمز للتعاون والتكافل بين الجميع في دَمُّون.




المـــقال الـــتالي
جميع الحقوق محفوظة لـ arabiafelix.social