تَشكّل فريق حلم أخضر من مجموعة من المهتمّين\ات بالبيئة اليمنيّة من باحثين/ات وصحفيّين/ات، وناشطين/ات، الذين يجمعون في عملهم بين العمل الصحفي والبيئي في آن واحد. يرى الصحفي محمد الحكيمي، ٣٩ عامًا، رئيس حلم أخضر، أن التّعايش مع الطبيعة جزءٌ لا يتجزّأ من التّعايش بصفة عامة، وأن للكثير من القضايا البيئيّة تأثير مباشر على التّعايش في اليمن.
مجلة العربيّة السّعيدة: ماذا كان الدّافع وراء إطلاق منصة حلم أخضر؟
محمد الحكيمي: الدّافع هو الاهتمام بالبعد البيئي المهمل في اليمن، خصوصًا منذ بداية الأزمة السياسيّة عام ٢٠١١م، إلى جانب ما كانت تعانيه البيئة في اليمن من تدهور مستمر نتيجة الإهمال وغياب التوعية. يتلقّى فريق العمل بلاغات من الجمهور عن جرائم بيئيّة كالصّيد الجائر، الاحتطاب أو وقوع كوارث طبيعيّة في مجتمعاتهم، ويتولّى فريق حلم أخضر مهمّة التّحقق من تلك الوقائع، التّواصل مع الجهود المجتمعية لتغطية هذه القضايا، ورصد التّأثيرات الناتجة عنها عبر الاستعانة بخبراء محليّين.
مجلة العربيّة السّعيدة: ما أبرز الصّعوبات التي تواجهونها؟
محمد الحكيمي: أبرز تحديّات حلم أخضر هي صعوبة العمل في ظلّ الحرب ممّا يجعل المخاطر مرتفعة. يتطلّب عملنا في هذه الأجواء فريقًا أكبر، ممّا يفرض أعباء ماليّة أكبر في ظلّ عدم وجود دعم مستدام.
مجلة العربيّة السّعيدة: هل يمكن أن تحدّثنا عن فريق حلم أخضر؟
محمد الحكيمي: للمرأة حضور بارز في مشروع حلم أخضر، حيث تعمل في الفريق الأساسي لحلم أخضر حاليًا أربع نساء باحثات وخمسة رجال إداريين، باحثين وصحفيين. هناك كذلك ثلاث نساء في الفريق المساعد المعاون، يعملن كمذيعات وكاتبات، وأربعة زملاء فنيّين ومساعدين. إلى جانب ذلك، في المحتوى الذي يتم إنتاجه في حلم أخضر، نراعي دائماً تقديم وجوه نسائية سواء كمتحدثات ضمن الخبراء/والمختصين أو ضمن الفئات المتضرّرة من القضايا البيئيّة التي يتم تسليط الضّوء عليها.
مجلة العربيّة السّعيدة: كيف يمكن لصحافة البيئة أن تعزّز قيم تعايش البشر مع الطبيعة؟
محمد الحكيمي: يأتي دور صحافة البيئة في رفع الوعي نحو حماية البيئة والحفاظ على الموارد، بما يضمن الحق البيئي والعدالة البيئيّة للجميع.
مجلة العربيّة السّعيدة: تعاني الكثير من الأراضي في اليمن من التدهور. مثلا، تعاني محمية فرمهين نتيجة الاستخدام غير المستدام للأراضي. كيف يمكن أن تؤثر هذه المشاكل على التّعايش بين النّاس؟ وهل حمايتها حماية للتّعايش؟
محمد الحكيمي: تمتدّ أنشطة حلم أخضر إلى الجزر اليمنيّة، منها على سبيل المثال رصد الأضرار والتحديات البيئيّة في جزيرة سقطرى، حيث تقع محمية فرمهين. الاستخدام المفرط وغير المستدام للموارد يؤدّي إلى سوء توزيعها بين سكّان المحمية، وبالتالي إلى عدم العدالة في الحصول عليها، خاصة في ظلّ غياب التشريعات الرّقابية والتي تحدّ من هذه الظواهر. كل هذا يعني ارتفاع درجة الخطورة والنّزاع على الموارد والتّأثير على حالة السّلم والتّعايش بين الأفراد في المحمية.
مجلة العربيّة السّعيدة: ضمن تغطيتكم للمخاطر البيئيّة، وجدتم وعيََا قليلََا فيما يخصّ ضرورة حماية العاملين في مجال النّظافة. هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟
محمد الحكيمي: عمّال النّظافة هم أكثر الفئة تضرّرًا من المخاطر الصحية والتأثيرات البيئيّة، كونهم باتصال مباشر مع ما النّفايات التي يتم التخلّص منها. هذا ما تطرّقنا له في حملة توعية حول مخاطر وتأثيرات النّفايات الطبيّة على عمّال النّظافة، أولًا بسبب قلّة الوعي بهذه المخاطر وثانيًا بسبب عدم الاكتراث بتوفير الحماية لهم من قبل السّلطات ومن أجل تكثيف التّوعية لحمايتهم. تعدّ حماية عمّال النّظافة جانبًا إنسانيًا للعمل في مجال البيئة، حيث تساعد كذلك على تجاوز الصّورة النمطيّة التي يكنّها المجتمع تجاههم. بالتالي فإنّ توفير الحماية سوف يساهم في رفع الاهتمام بهم والتخلّص تدريجيًا من هذه الصورة.
مجلة العربيّة السّعيدة: ما هي أبرز المعالجات والأهداف التي حقّقها حلم أخضر؟
محمد الحكيمي: أنشطة حلم أخضر تغطي النطاق الوطني، وتمتد في كافة مدن اليمن. حقّقت المعالجات التي قدّمها حلم أخضر تأثيرات عدّة على مستوى صانعي السياسات البيئيّة الخاصة بكوارث وحوادث المناخ. وجدنا استجابة من طرفهم بعد نشر حلم أخضر تقارير وفيديوهات لقضايا بيئية متنوعة أبرزها طوارئ المناخ والصيد الجائر.
«تساعد حماية عمّال النظافة على تجاوز الصورة النمطية التي يكنّها المجتمع تجاههم.»
من بين القضايا التي تناولها حلم أخضر قضيّة ناقلة النّفط صافر المحمّلة بأكثر من مليون برميل من النّفط الخام والتي ترسو على سواحل البحر الأحمر منذ العام ٢٠١٥م بدون صيانة، وما تزال عالقة حتى الآن. كان حلم أخضر أوّل منظمة يمنية تحذّر من خطورة هذه الكارثة ومن حجم الأضرار المتوقعة منها. بعد ذلك، نشرت وسائل إعلام محلية وعالمية موضوعات تتناول مخاطر النّاقلة وأثرها على البيئة. عقد حلم أخضر تعاونًا مع منظمة السّلام الأخضر (غرينبيس – Greenpeace) التي شاركت تقاريرنا ومقاطع الفيديو باللّغتين العربيّة والإنجليزيّة في موقعها الإلكتروني ومنصاتها على السوشيال ميديا. كما حظيت النّسخ الإنجليزية لتقاريرنا باهتمام دولي واسع وتناقلته كبرى وكالات الأخبار، كونها قدّمَت تقديرات دقيقة بالأرقام تكشف لأول مرة حجم الكلفة البيئيّة والاقتصادية التي ستخسرها اليمن في حال وقوع تسرب للنّفط الخام من صهاريج الخزّان العائم للنّاقلة.
تم التّركيز على دور منصة حلم أخضر في معالجة القضايا البيئيّة في ورقة بحثية هامة عن دور الإعلام في بناء السّلام في اليمن، أصدرها مركز الدراسات التطبيقية بالشراكة مع الشرق CARPO في ألمانيا، وبالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدَّوليّ GIZ.
مجلة العربيّة السّعيدة: ماهي الخطط المستقبليّة لمشروع حلم أخضر؟
محمد الحكيمي: يخطّط فريق حلم أخضر لتسليط الضّوء على المجتمعات الريفيّة المنسيّة، بما يساند جهود تحقيق أهداف التنمية الألفية المستدامة ٢٠٣٠م على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. هذا ونتطلع إلى التّعاون والتواصل مع الوكالات والمراكز البحثية العالمية من أجل مساندة القضايا البيئيّة في اليمن.