مجلة العربيّة السّعيدة: ما هو الفرق بين العدالة والعدالة الانتقالية؟ كيف يتغيّر في رأيك مفهوم العدالة في مناطق النزاع؟
رضية المتوكل: العدالة مفهوم واسع لا يرتبط بالنزاعات العنيفة
أو انتهاكات حقوق الإنسان، بينما العدالة الانتقالية مرتبطة بالنزاعات العنيفة التي بدورها ترتبط بإرث وتركة ثقيلة من انتهاكات حقوق الإنسان. لا بدّ أن تتضمّن العدالة الانتقالية كشف الحقيقة، المساءلة الجنائية وتعويض الضحايا، ليس ماديًا فحسب بل معنويًا كذلك، مثل الاهتمام بالحالة التعليمية، الاقتصادية، الاجتماعية للضحايا الناجين.
مجلة العربيّة السّعيدة: ما الذي دفعكِ كشخص أن تقومي بهذا العمل، مع كل التّحديات؟
رضية المتوكل: الدافع هو الشعور بالالتزام تجاه ضحايا الانتهاكات التي تحدث في اليمن. أثناء الحرب، لا بدّ أن يكون لدي دورٌ ضدها بطريقةٍ ما، فكان العمل الحقوقي وسيلتي في مقاومة كل ما يحصل من مآسي للإنسان اليمني.
مجلة العربيّة السّعيدة: كيف تساهم العدالة والعدالة الانتقالية في الترسيخ للتّعايش؟
رضية المتوكل: العدالة الانتقالية هي الانتقال من الماضي العنيف إلى مستقبل آمن. هذا إذا تم تنفيذها كما يجب، مثلًا بمعالجة جراح الماضي بدون مواربة وبيع للوهم، كشف الحقيقة ومواجهة الانتهاكات التي حصلت. يجب كذلك إعادة صياغة المجتمع وبناء نظام قضائي قوي. يمكن أن يستمر العمل على العدالة الانتقالية لسنوات.
مجلة العربيّة السّعيدة: يمكن لمختلف مجالات العمل والحياة أن تساعد في الترسيخ للعدالة عبر إرساء مفهوم الشفافية. هل ممكن أن نقول إنه عبر الشفافية يمكن للإعلام أن يساهم في ترسيخ العدالة؟
رضية المتوكل: الشفافية إذا تمّت في إطار الحوكمة، من خلال كل المؤسسات وعلى رأسها الدولة، فبالتأكيد سترسّخ وتعزّز مجتمعًا آمنًا ومستقرّا.
أما بالنسبة للإعلام فهو حتماً قادر أن يفرض خطاب تعايش موازي لخطاب الكراهية، ويعزّز مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان بدل من مفاهيم العنف وتبريره. وفي اليمن، على الرغم من سيطرة أطراف النزاع على أغلب المنصات الإعلامية، إلّا أنه ما يزال هناك بعض المنصّات المستقلة التي تحاول تقديم رؤية مستقلة للأحداث في اليمن بشكل عام.
مجلة العربيّة السّعيدة: كيف في رأيك يمكن لإعلام التّعايش، الذي يركّز دائمًا على تفسير السياق وتقديم حلول بالإضافة إلى العمل على توضيح مختلف الرؤى ووجهات النظر دون تحيُّز، أن يساهم في الترسيخ للعدالة؟
رضية المتوكل: إذا كان هناك إعلام قوي ومستقل فإنه يعزّز التّعايش لأنه يكون أحد الأسباب التي تنهي الصّراع العنيف وتؤدي للسّلم. لا يكون ذلك عبر تضمن الرسالة الإعلامية لرسالة السّلام، فقط وإنما أيضًا من خلال قول الحقيقة والتركيز على الإنسان المدني، حقوقه، ومصلحته. وأخيرًا، يجب تقديم رؤى تحاول الإجابة على عدد من الأسئلة مثلًا: كيف يجب أن يكون اليمن؟ كيف يجب أن يخرج من حالة النزاع العنيف؟
يجب التركيز على تعزيز مفاهيم الديمقراطية. في اعتقادي اليمنيّون واليمنيّات يحنّون للقانون وفكرة الدولة. رغم انهيار القضاء إلا أن اليمنيّين واليمنيّات يفضّلون الذهاب للقضاء بدلًا من الذهاب للمرجعية المسلّحة. الإعلام يجعل اليمنيّات واليمنيين أكثر قربًا من كل المفاهيم التي ناضلوا من أجلها على مدى عشرات السنوات.
مجلة العربيّة السّعيدة: ما هو في رأيك أول شيء يجب العمل على تحقيقه حتى يتمكّن اليمنيّون واليمنيّات من التمتُّع بعدالة حقيقية في يمن ما بعد الحرب؟
رضية المتوكل: أولًا، إيقاف الحرب ليس على مستوى الصواريخ والقنابل فحسب، وإنما أيضًا حرب الانهيار الرهيب للدولة. إيقاف الحرب يعني اتفاقًا سياسيًا يعيد تشكيل اليمن وفق رؤيةٍ وصيغةٍ سياسية وطنية تضمن الديمقراطية، سيادة القانون، وحقوق الإنسان.
بعيدًا عن الحرب نفسها، فكل احتياجات اليمنيين التي تشعرهم بالكرامة هي أولية: الرواتب، الكهرباء، الماء، التنّقل، الأكل، الشرب والتعليم. لذا يفترض أن تعمل عدّة جهات على هذه الأشياء وكل جهة لها أولوياتها.
مجلة العربيّة السّعيدة: كيف ترين مستقبل اليمن؟ هل ترين تعايشًا في المستقبل؟
رضية المتوكل: اليمن مفتوح على جميع الخيارات إما مزيد من العنف والحرب، أو إنهاء الحرب وتحقيق العدالة وتأسيس دول يعتمد مستقبل التّعايش على مدى قدرة اليمنيّين واليمنيّات على التنظيم والعمل بهذا الاتجاه.
