preloader

اتحاد نساء اليمن: نشاط راسخ وعمل لا يتوقّف

فاطمة باوزير ومحمد علي محروس
المكلا وتعز
في ستينيات القرن العشرين كان للمرأة في جنوب اليمن الريادة على مستوى الجزيرة العربية في إنشاء منظمات وهياكل مجتمعية تنادي بحقوق المرأة، حرية التعبير والديمقراطية السياسية. من بين تلك الهياكل اتحاد نساء اليمن الذي مازال يواصل عمله في كل أنحاء اليمن لتعزيز دور المرأة اليمنية وحفظ حقوقها.
حقائب التمكين في الجزء الثاني من مشروع اتحاد نساء اليمن بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، الذي يهدف إلى تمكين النساء المتضررات من العنف القائم على النوع الاجتماعي في تعز. © اتحاد نساء اليمن

بدأ اتحاد نساء اليمن سنة ١٩٦٨م ككيان مجتمعي سياسي يخدم المرأة في عدن وحضرموت. بعد انعقاد المؤتمر العام الأول للمرأة في ١٣-١٧ يوليو ١٩٧٤م في مدينة سيئون، ‏تم انتخاب أول رئيسة ‏للاتحاد، عائشة محسن الخيليي، التي كانت من أبرز قيادات النضال النسوي في اليمن. في نفس المؤتمر، تم تحديد النظام الداخلي والهيكل التنظيمي والخطة العامة للاتحاد. حضرت المؤتمر وفود من الدول العربية ومندوبات من كافة المحافظات الجنوبية، ليشهدوا هذا العرس الديمقراطي للمرأة في اليمن.

 

البيت الثاني 

يسعى الاتحاد من خلال رسالته وأهدافه العامة إلى تمكين المرأة ودعم قدراتها للمساهمة الفاعلة في التنمية المستدامة والقضاء على كافة أشكال التمييز ضدّها وتعزيز مساواتها في الحقوق وفق خبراتها وكفاءتها، لتكون شريكًا فاعلًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

مثّل الاتحاد لفاطمة بلحمر، عضوة مجلس النواب عن الجنوب وإحدى قياديات ومؤسِّسات الاتحاد، مظلّة للنساء، حيث كان بمثابة «البيت الثاني». 

كان العمل آنذاك طوعيًا كما تقول بلحمر، وكانت له ثماره: تمكّن الاتحاد، منذ استقلال جنوب اليمن وحتى التسعينيات، من الحصول على مقاعد في مجلس الشعب والمجالس المحلية (في إطار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) ووصل لمواقع القرار في الإدارات التربوية والصحية. «كان لدينا ١١ عضوة في مجلس النواب وذلك بفضل الاتحاد»، تحكي بلحمر.

بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠م، تم دمج هذه المقاعد الـ 11 في مجلس نواب الجمهورية اليمنية. اليوم، لا توجد نساء يشغلن مقاعد في البرلمان اليمني.

 

التضامن في الهيكل والمضمون

يبلغ عدد عضوات الاتحاد اليوم مليون و٤٠٠ ألف عضوة أساسية ومنتسبة موزّعات على مختلف فروعه الـ ٢٢ الرئيسية في مختلف المحافظات، ومراكز أنشطته الـ ١٦٥ فيي مختلف المديريات. تستفيد من الخدمات التي يقدّمها اتحاد نساء اليمن ما بين ٣٠٠ و٥٠٠ امرأة سنويًا.

كل أربع سنوات، تجري انتخابات رئاسة الاتحاد وفروعه. لفروع الاتحاد في المحافظات نفس هيكل المكتب التنفيذي الموجود في صنعاء. إضافة لرئيسة الفرع ونائبتها، هناك رئيسات للإدارة المالية، والمشاريع، والشؤون القانونية، وتنمية المرأة، والدراسات والبحوث، والإدارة الصحّية والاجتماعية، إضافة للإعلام والثقافة.

الاتحاد‭ ‬كان‭ ‬مظلّة‭ ‬للنساء،‭ ‬مثل‭ ‬البيت‭ ‬الثاني

ينفّذ الاتحاد مشاريعه عبر فروعه في المحافظات، حسب احتياجات كل منطقة. يتكلّف المكتب التنفيذي بكتابة المشاريع ومخاطبة المانحين للحصول على الدعم والتمويل. لكل فرع خياراته وآلياته في تنفيذ المشاريع المحددة له. يتجلّى دور المكتب التنفيذي في تحديد خطة العمل بكافة أنشطتها، مع المتابعة والإشراف خلال مرحلة التنفيذ. كل مشاريع الاتحاد، رغم تنوّع المانحين، تُركّز على حماية وتمكين المرأة، وتعزيز حضورها في الحياة العامة.

مثلا، ينفّذ الاتحاد حاليًا مشروع تعزيز بناء السلام وإنهاء العنف ضد النوع الاجتماعي في عدن وتعز، بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبتمويل من الوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي. يهدف المشروع للخروج برسائل توعية لإنهاء العنف عبر مؤثرين إعلاميين وناشطين اجتماعيين. وبالفعل تم مشاركة ٩٦ رسالة، منها ثلاثة فيديوهات، عبر أشخاص بارزين من تعز وعدن على وسائل التواصل الاجتماعي، حسب سوسن الشدادي، مسؤولة المشاريع في اتحاد نساء اليمن. 

«يتمحور النشاط الثاني للمشروع حول تدريب ١٦٠ امرأة، مناصفة بين عدن وتعز، في المساحات الآمنة، في الخياطة، البخور، صناعة الحلويات، والكوافير. حاليًا، نحن في مرحلة التمكين حيث يتم توفير حقائب لـ ٨٠ امرأة»، حسب الشدادي. 

على مدى خمسة أشهر خضعت بلقيس عبد الله*، ٣٥ سنة، لجلسات دعم نفسي في المساحة الآمنة التابعة لاتحاد نساء اليمن في منطقة هَجْدَة بمديرية مَقْبَنِة، غربي تعز. وخلال عامي ٢٠١٩م و٢٠٢٠م تمكّنت من حضور دورة تدريبية في خياطة الملابس لمدة ثلاثة أشهر، بعدها اتّخذت من الخياطة مهنةً لها. هكذا أصبح لعبد الله مصدر دخلٍ تعيل به أطفالها الثلاثة، بعد أن عايشت مأساة النزوح بسبب الحرب منذ ٢٠١٥م. «ما كنتُ لأصبح بهذا المستوى لولا المساحة الآمنة وبرنامج الدعم النفسي الذي أهّلني للخروج من أزمة نفسية تعرضت لها بسبب الحرب»، تقول عبد الله. 

عبر مثابرتها ودعم الاتحاد أصبحت عبد الله مدرّبة معتمدة في الخياطة، إضافة لعملها كمعلّمة منذ الفصل الدراسي الثاني من عام ٢٠٢١م: «أصبحتُ بعدها قادرةً على إعالة أسرتي وأطفالي، بعد سنوات من المعاناة.»




المـــقال الـــتالي
جميع الحقوق محفوظة لـ arabiafelix.social